في ذكرى الثورة

الاسكندرية ٢٨ يناير ٢٠١١ تصوير: أحمد رمضان

لسماع المقال اضغط هنا


"من يوميات السجن"
في ذكرى الثورة؛ أضغط على زر تشغيل الراديو "المصدر الوحيد في السجن لمعرفة الأخبار الكاذبة" والذي كاد أن ينفجر من فرط الكذب والنفاق.
كل محطات الراديو لا تبث سوى القرآن الكريم، والأغاني الدينية؛ في البداية ظننت أن ذلك حزنًا واحترامًا لأرواح آلاف الشهداء الذين سقطوا في ثورة 25 يناير وما بعدها من أحداث؛ ولكنني تعجبت من عدم بث أغنية واحدة احتفالًا بذكرى الثورة.
أستمع إلى الأخبار الخالية من "الموسيقى" على غير العادة، وأعلم أن مصر أعلنت الحداد 7 أيام بعد رحيل الملك عبد الله "ملك السعودية" وأن الحكومة أعلنت إلغاء الاحتفال بعيد الثورة "لا أعلم أي احتفالات".. ومن كان سيحتفل سوى الفلول، وأتباع السيسي"، فيا للعجب من كانوا سيحتفلون بالثورة هم من شوهوها، وهم من رقصوا على دماء الشهداء، وهللوا لبراءة مبارك، بإلاضافة إلى بعض الإعلاميين المخبرين.

إذًا الدولة حزينة من أجل رحيل الملك عبد الله "رحيل مصدر أساسي لتمويل القمع" ولم تحزن لقتل الآلاف من الشهداء، فكيف تحزن وهي من قتلتهم؟!

في نشرة إخبارية أخرى تبدأ كل عناوينها بـ "ذهب السيسي، وجاء السيسي، وجهود السيسي، وتسلم إيدك يا سيسي" يوجد خبر مختصر للغاية، ربما لأقلية أهميته بالنسبة لأتباع النظام، الخبر عن قتل مجهولين للناشطة شيماء الصباغ أثناء فض قوات الأمن مظاهرة مكونة من 30 شخصًا بعد ممارستهم الشغب، وإطلاقهم الشماريخ، واعتدائهم على قوات الأمن. أقسم لك أيها التاريخ الذي يسجل ما أكتبه الآن، المذيع قد قال أن الأمن فضّ المظاهرة ولكن القاتل مجهول، وسأفاجئك بأن أحد المحللين قال أن الإخوان هم من قتلوها. لا تتعجب أيها التاريخ فالإخوان علموا أن هناك مظاهرة ما لحزب ما في مكان كذا، وعلموا اللحظة التي سيضرب الأمن فيها الغاز، فقتلوها في نفس اللحظة حتى يتهمون الداخلية بقتلها، وعلى الجميع أن يعلموا أن الداخلية معندهاش خرطوش أصلًا !

في مجتمعنا المصري لا يجوز الاعتداء على إمرأة أبدًا، وإذا اعتدى أحدهم على امرأة تصدّى له الرجال، أما تحت الحكم العسكري تُقتل شيماء الصباغ فيصرح الوزير بأن مفيش خرطوش، وتُقتل سندس ذات السبعة عشرة عامًا فتتجاهلها وسائل الإعلام لأنها إخوان، وتُقتل أسماء البلتاجي فيقول الإعلام أن الإخوان يقتلون أنفسهم. وتُقتل هالة شعيشع فيبرر الإعلام طريقة قتلها ويبرئ الأمن ويدّعي أن الأهالي هم من قتلوها لأنها تنتمي لجماعة محظورة إرهابية.

وقبلهن جميعًا لا يمكننا أن ننسى واقعتي "كشف العذرية، وتعرية ست البنات" اللتان أظهرتا الوجه القبيح للحكم العسكري. كما أن هناك 14 فتاة في قضيتي متهمات بحرق كلية تجارة جامعة الأزهر بنين التي لا تدخلها الفتيات أصلًا، ناهيك عن كم الانتهاكات التي تحدث للفتيات داخل الأقسام، والتحرش العلني بهن.

***
سمعنا أخبارًا تقول أن النظام الحالي ينوي الإفراج عن عدد كبير من شباب الثورة احتفالًا بذكرى الثورة. و بالفعل تم إخلاء سبيل علاء وجمال مبارك ومبارك نفسه، على اعتبار أنهم أبرز قادة الثورة. يا رفاق عندما يصير مبارك وولديه ونظامه أحرارًا فلابد أن يكون كل من شارك في 25 يناير في السجون أو في القبور، أو هاربًا خارج البلاد !

احتفلت الدولة بنجاح الثورة (المضادة) من خلال قتل 24 في الذكرى الرابعة للثورة، فصرنا في كل ذكرى للشهداء نفقد شهداء جدد!

***
يكمل الراديو عجائبه فيقول: مصر تعلن عن قلقها تجاه التدهور الحاد لحقوق الإنسان في تركيا وفض المظاهرات السلمية بأسلوب عنيف! عندما سمعت هذا الخبر نظرت إلى الراديو متعجبًا وسألته عن فض رابعة العدوية والنهضة، واعتقال المشاركين في مظاهرة مجلس الشورى، وقتل اثنين في تظاهرات معترضة على براءة مبارك، وفض مسيرة الاتحادية، واعتقال البنات، وقتل شيماء الصباغ وسندس، لكن الراديو لم يعطني إجابة واحدة وصفعني صفعة أخرى، قائلًا: وتُدين مصر اعتقال الصحافيين في تركيا (على حد علمي أن الصحافيين المعتقلين في مصر وصلوا إلى عشرات وأنا واحد منهم).. كيف لم يفكر النظام في تصريحاتة العبثية السخيفة؟!

يكمل الراديو: "كما أعلنت الحكومة المصرية تضامنها مع جريدة شارل ابدو". في نفس الوقت الذي أغلقت فيه صحفًا وجرائد عديدة، ومنعت بعض الإعلاميين من الظهور على الشاشات المصرية.

***
تنتهي النشرة دائمًا بذكر جهود الأمن في القضاء على الإرهاب، فالنظام الحالي يدّعي زورًا أنه يحارب الإرهاب، بينما الواقع يخبرنا بأن النظام الحالي هو الراعي الرسمي للإرهاب، فكم من شباب تم اعتقالهم عشوائيًا وسُجنوا مع أصحاب الفكر الداعشي في نفس الزنازين لفترات طويلة. فهل هناك بيئة صالحة لصناعة الإرهاب أكثر من تلك البيئة؟!

للتطرف عوامل مهمة منها "الفقر، والجهل، والظلم".. والنظام الحالي نجح نجاحًا مبهرًا في صناعة تلك العوامل الثلاثة بين قطاع كبير من الشباب، فكيف يحارب النظام صنيعته؟ أفلا تعقلون؟!
سجن أبو زعبل
يناير 2015

اقرأ أيضًا

عن الظلم والحلم.. وأشياء أخرى


شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة