خطاب إلى الشعب المكسيكي

كارتون (الاشتراكيين الثوريين)

يستيقظ من نومه على صوت نغمة هاتفه المزعجة "تسلم الأيادي".. يقول المتصل: أبشر يا باشا، قتلنا 8 إرهابيين فى سيناء.
يفرح الباشا، ويبتهج، ويغني تسلم الأيادي، ثم يجلس على مائدة الإفطار ويفتح هاتفه الذي استلمه من الوزارة بعد أن تولى منصبه كمصدر مسؤول فيتفاجأ بخبر عنوانه: مقتل 12 مكسيكيًا وإصابة آخرون عن طريق الخطأ. فيقول لنفسه: مجرد إشاعات وتشويه لهيبة الدولة. يأتي صوت النغمة المزعجة من جديد "تسلم الأيادى" نفس الصوت يقول: أيوة يا باشا، طلعوا مش إرهابيين ولا مصريين، احنا قتلنا 12 مكسيكيًا بس عن طريق الخطأ، شوف بقى حضرتك هتتصرف ازاى؟!
وبصفته مصدر رفيع المستوى يقرر كتابة خطاب إلى الشعب المكسيكي والحكومة المكسيكية.
ويبدأ فى الكتابة:
العين تذرف بدل الدموع دمًا، والقلب يحزن حتى كاد أن يتوقف من فرط الحزن، والعقل توقف عن التفكير من كثرة الغباء، والقلم يرتعش مع يدي خوفًا من الأخطاء الإملائية التي أقع فيها دائمًا، والنظام المصري بأكمله يشعر ببالغ الأسى والحزن نظرًا لأن مبلغ الـ 12 مليون دولار الذين طلبتموهم كتعويض عن أرواح الـ 12 مكسيكيًا هو مبلغ كبير للغاية، فأنتم تعلمون أننا هنا نحتاج إلى كل ربع دولار، وأننا نناضل ونكافح من أجل جني الأموال بشتى الطرق، حتى أننا نعتقل المصريين بشكل عشوائي ثم نخلي سبيلهم بغرامات كبيرة من أجل جمع الدولارات، فالدولارات مهمة للغاية كي نشتري بها أسلحة فض التظاهرات. وكي نحارب الإرهاب، لذا نطمع فى كرم أخلاقكم ونتمنى تخفيض المبلغ.
أيها المكسيكيون العظماء: لا تحزنوا، فالحزن لن يجعل أبنائكم يعودون إلى الحياة، تعلموا الثبات والصبر على المصائب من أبناء الشعب المصري العظيم، فالشعب المصري العظيم تعوّد على أن يُقتل بعشوائية، فنحن مثلًا نحارب الإرهاب فى سيناء، ولكن لا يمكننا تحديد من هو الإرهابي؟ ومن هو المدني المسالم؟ لذا نقتل الجميع دون تفرقة، حتى يعلم الإرهابيون أننا – مبنهزرش - والطلقة اللي متصيبش تدوش، العشوائية فى بلادنا شئ مهم للغاية حتى أننا نفكر فى وضع مادة للعشوائية فى التعديل الدستوري الجديد تنص على أن العشوائية فى القتل والاعتقال واجب وطني من أجل الحفاظ على الأمن والأمان اللذان تتميز بهما مصر، فنحن على سبيل المثال عندما نفشل فى اعتقال الجاني نعتقل أي شخص مكانه، وربما نعتقل الأب بدلًا من الابن أو العكس، المهم ألا نعلن فشلنا فى الأمن والأمان.
أرجوكم لا تكونوا مرهفي المشاعر والأحاسيس، وعليكم أن تتساءلوا بشكل عقلاني عن علاقة هؤلاء المكسيكين الذين قتلناهم عن طريق الخطأ بجماعة الإخوان الإرهابية، فلدينا تقارير من مصادر غير موثوق فيها تؤكد أن الطريقة التى قُتلوا بها هى طريقة متظبطة من الأول، فهم تعمدوا أن يذهبوا إلى هذا المكان الذى يعيش فيه الإرهابيون، وتعمدوا استفزاز سائق الطائرة الميري عندما أشار له أحدهم بإصبعه الوسطى وقال له "فاك يو آند جو تو هيل" وتؤكد تقاريرنا أنهم كانوا يفعلون هذا من أجل أن يُقتلوا بهذا الشكل من أجل تشويه صورتنا قدام اللي يسوى واللي ميسواش فى العالم كله. والله والله وما لكم علينا حلفان أننا لأول مرة نقتل أجانب بهذا الشكل، نحن نفعلها مع المصريين فقط.
أما عن التحقيق الذي تريدون فتحه بعد مقتل الـ 12 مكسيكيًا، فأنتم غالبًا تفهمون التحقيق خطأ تمامًا، فالتحقيق عندنا ليس إلا تصريح يطلقه المسئولون فى وسائل الإعلام بعد حدوث كارثة ما، ولكن لا يتم فتح تحقيق ولا بتنجان، هل تحبون أن نضللكم ونفتح تحقيقًا ثم نعلن بعدها بيومين القبض على المتسببين فى قتل أبنائكم؟ سهلة أوي، فنحن نفعلها دائمًا ونتهم أي شخص بأي حاجة فى أي حتة، ولكننا نحبكم ولا نريد أن نضحك عليكم بكلمتين لأنكم للأسف لا يمكن أن تصدقوا أننا لا نعلم من هم الضباط الذين نفذوا العملية وشاركوا فى القتل، وطبعًا لو اعتقلنا أي شخص من أهالي سيناء واتهمناه أنه القاتل فلن تصدقوا أيضًا.
وأنا عن نفسي لا أرى فى فتح تحقيق أهمية سوى وجع القلب، ولا أدري ما أهمية التحقيق طالما أنكم ستحصلون على مبالغ ضخمة من أموال الشعب المسكين الذي لا يمكن أن يحصل على تعويض كهذا، فأنتم تعلمون جيدا أنه ضمن من قتلوا يوجد مصريًا، ولكننا طبعا لن ندفع له أموالًا باهظة كما سندفع لأبنائكم، فهذا المصري ابننا واحنا أحرار فيه. وأرجوكم لا تدخلوا فى هذه المسألة بيننا وبين المواطن المصري لأننا نرفض التدخل فى شؤوننا الداخلية.
لا أعلم السبب فى هذه الزوبعة التى أطلقتموها فى وسائل الإعلام المكسيكية، فنحن لسنا أول من نقتل بشكل عشوائي، حتى المكسيك نفسها كانت تحارب تجار المخدرات وسقط العديد من أبناء الشعب المكسيكي بشكل عشوائي، فنرجو أن تكفوا عن هذه الحملة الإعلامية ضد رئيسنا، لأننا نملك إعلام ليس كمثله شئ، قادر على أن يتهم رئيس المكسيك بأنه قد حصل على تمويل من الإخوان، وقادر على أن يتهم الشعب المكسيكي بأكمله بالانتماء لجماعة الإخوان الإرهابية ، فلا داعي أن نطلق عليكم وسائل إعلامنا لأننا لو فعلناها لأصابكم الشلل من قدرة إعلامنا على تحويلكم إلى جناة.
هل رأيتم الإعلامية إيمان الحصري وهي تقرأ على الهواء مباشرة خبرًا كاذبًا يقول "أعلن الرئيس المكسيكى أنه يتفهم جيدًا أسباب قتل المكيسيكين وأضاف متسائلًا: ما الذي جعلهم يذهبون إلى هناك؟ فنحن نمتلك صحراء فى المكسيك ولا نجد مبررًا لذهابهم هناك"؟ ودي أقل حاجة عندنا، فعليكم أن تتوقفوا عن تلك الحملة الإعلامية الشعواء لأننا نحارب الإرهاب، ومحاربة الإرهاب كما تعلمون تقتضي أن يتغاضى الجميع عن أخطائنا، وأن يعمل نفسه عبيط. ورغم هذه الحملة الشعواء كان الرئيس السيسي أجدع منكم جميعًا فقد تجاهل كل شيء وأرسل تهنئة رسمية للشعب المكسيكي بعيده القومي دون أن ينظر إلى تلك الخلافات البسيطة، فلا يمكن لـ 12 شخصًا قتلناهم أن يوقعوا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء.

علمنا أنكم حذرتم المكسيكيين من السياحة فى مصر، ونحن نؤكد لكم أنكم على حق، فنحن أيضًا ننصحكم بالابتعاد عن السياحة فى مصر، لأنكم لن تتحملوا عشوائيتنا وإرهاب المتطرفين، كما أننا لا نحب صداع الدماغ، ولا نريد أن تعترضوا كل يومين على قتل أبنائكم فى مصر، لذا نعتقد أن هذا القرار صحيح مائة بالمائة. نرجوا نشر هذه الرسالة فى شتى وسائل الإعلام المكسيكية.. والله الموفق والمستعان.

شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة